كيف تطير الطيور؟
فداء ياسر الجندي
كيف تطير الطيور؟ قد يبدو هذا السؤال ساذجاً، وقد يبدو جوابه بسيطا: تطير الطيور بأجنحتها. حسناً، لو كان الأمر كذلك لتمكن عباس بن فرناس من الطيران عندما ركب لنفسه أجنحة في محاولته الشهيرة، ولكن الأجنحة وحدها، رغم أنه لا غنى عنها من أجل الطيران، لا تكفي، فهي ليست إلا جزءًا من نظام متكامل، يجعل الطير قادراً على الطيران.
نظام متكامل؟ نعم، فكل عضو في الطير من أقصى رأسه إلى نهاية ذيله قد تم تصميمه ليطير، وهاكم أطرافا من عجائب هذا النظام.
إن أول مهمة لنظام الطيران هي رفع الطائر في الفضاء معاكسا للجاذبية الأرضية، وهذا يتطلب أموراً عديدة، أولها توفير القوة الرافعة المطلوبة للإقلاع، ثم تزويد الطير بكل ما يساعده على الاستفادة القصوى منها، أما القوة فمصدرها الأجنحة، إذ توفر للطائر قوة كبيرة بالنسبة لوزنه، تمكنه من الإقلاع بسهولة ويسر، تحسده عليهما الطائرات التي صممها البشر، فما هو إلا أن يضرب الهواء بجناحيه حتى يحلق فورا، وبزاوية إقلاع حادة، فمساحة الأجنحة عند نشرها واسعة جدا بالنسبة لحجم الطائر، فالصقر مثلا، الذي لا يزيد طول جذعه عن نصف متر، ولا يزيد عرضه عن ربع متر، تصل المسافة بين طرفي جناحيه عند نشرهما إلى ما يقرب مترين ونصف المتر.
تصل المسافة بين طرفي جناحي الصقر عند نشرهما إلى ما يقرب مترين ونصف المتر (رويترز) |
الريش والجناحان
وتصميم الريش مدهش، حيث تخرج من ساق الريشة شعيرات دقيقة، كل شعيرة متصلة بما يجاورها من شعيرات، بواسطة شعيرات أخرى أدق من الأولى، وكل شعيرة تضم المئات من الأوبار الشديدة الدقة، تصل كل أجزاء الريشة مع بعضها لتكون سطحا مصمتا وقويا وفي غاية الخفة من ناحية الوزن، ويكفي أن نعلم أن ريشة الحمامة تحوي مئات الآلاف من الشعيرات الدقيقة، وملايين من الشعيرات الأشد دقة، وأن أجنحة طائر بحجم البجعة مزودة بما يقارب 25 ألف ريشة (فقط!)، ورغم ذلك فإن عظام الأجنحة وعظام الذيل، التي يتصل بها معظم الريش، خفيفة جدا، وقصيرة جدا، بالنسبة لمساحة الجناح.
وتصميم الريش مدهش، حيث تخرج من ساق الريشة شعيرات دقيقة، كل شعيرة متصلة بما يجاورها من شعيرات، بواسطة شعيرات أخرى أدق من الأولى، وكل شعيرة تضم المئات من الأوبار الشديدة الدقة، تصل كل أجزاء الريشة مع بعضها لتكون سطحا مصمتا وقويا وفي غاية الخفة من ناحية الوزن، ويكفي أن نعلم أن ريشة الحمامة تحوي مئات الآلاف من الشعيرات الدقيقة، وملايين من الشعيرات الأشد دقة، وأن أجنحة طائر بحجم البجعة مزودة بما يقارب 25 ألف ريشة (فقط!)، ورغم ذلك فإن عظام الأجنحة وعظام الذيل، التي يتصل بها معظم الريش، خفيفة جدا، وقصيرة جدا، بالنسبة لمساحة الجناح.
ولا يخفى أن القوة تحتاج لطاقة، وهذا ما توفره نوعية غذاء الطيور، التي تتميز بسعرات حرارية عالية، سواء كانت من الجوارح التي تتغذى على اللحوم، أو من الحمائم التي تتغذى على الحبوب.
وحتى يظل الطير محمولا في الهواء أثناء الطيران، لا بد من أن يكون ضغط الهواء أسفل الجناح أكبر منه أعلاه، وهذا يحققه التصميم الهندسي لمقطع الجناح، فهو مستو تماما من أسفله عند نشره، لكنه محدب من أعلاه، مما يؤدي إلى أن يتبعثر الهواء أعلى الجناح بسبب التحدب فيقل ضغطه عن أسفله، فيرتفع الطير في الهواء ويحافظ على ارتفاعه، وأجنحة الطائرات التي صممها الإنسان اقتبست (بل نسخت) تصميم مقطعها من تصميم أجنحة الطيور.
أما ذيل الطير فهو بمثابة جهاز التحكم الذي يساعد على كبح سرعته أثناء الهبوط وزيادتها أثناء الإقلاع وتسهيل انسيابه في الهواء أثناء السير في الهواء، ناهيك عن دوره في تغيير مساره أفقياً أو عمودياً.
ومن عجائب تصميم الطيور أن أجسامها مصممة بحيث يتموضع معظم وزنها حول مركز ثقلها، فمركز ثقل الطير في نقطة وسطى من جذعه، تقع بين جناحيه، وحوله يتموضع معظم وزنه، فرأس الطير صغير جداً بالنسبة لجسمه، وليس له أسنان ولا أنف، وعندما يلتقط طعامه يتم إرساله فوراً إلى حوصلة بالقرب من مركز ثقله، هي التي تقوم بطحن الطعام وتهيئته للهضم، كما أن الطير لا مثانة له لتخزن البول في مؤخرة جسمه، بل يخرج البول وغيره من الفضلات من جسم الطير فور تشكلها حتى لا يشكل خزنها عبئا على مركز ثقله من ناحية الوزن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق